للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المفروق .. يوحي بأن في الصحراء .. قلبًا وماءً .. نبعًا يرطب العروق .. يشدها نحو السماء.

[لقاء الأنصار]

دفع - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رضي الله عنه إلى خيام الأوس والخزرج .. القادمين من حرة يثرب .. فكان لقاء الغرباء بالغرباء .. جدد الدنيا .. وحول التاريخ .. وأعاد إلى الإنسانية مكانتها وقيادتها التي كادت تهلك دونها. (لما لقيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال لهم: ممّن أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج. قال - صلى الله عليه وسلم -: "أمن موالي يهود؟ " قالوا: نعم. قال - صلى الله عليه وسلم -: "أفلا تجلسون أكلمكم؟ " قالوا: بلى. فجلسوا معه، فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وعرض عليهم الإِسلام، وتلا عليهم القرآن، وكان مما صنع الله لهم في الإِسلام أن يهودًا كانوا معهم ببلادهم، وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانت الأوس والخزرج أهل شرك، وأصحاب أوثان فكانوا إذا كان بينهم شيء، قالت اليهود: إن نبيًا مبعوث الآن قد أظل زمانه، نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم (١). فلما كلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أولئك النفر، ودعاهم إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، قال بعضهم لبعض: يا قوم اعلموا والله أن هذا الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه، فأجابوه لمَّا دعاهم إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإِسلام، وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى الله عَزَّ وَجَلَّ أن يجمعهم الله بك، وسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك.


(١) أرم: قوم منهم عاد، وقيل: مدينة كبيرة لهم. وهذه العبارة لا تزال موجودة في توراة اليهود حتى اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>