شرب النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرب العطشى .. وانحاز كل جيش إلى معسكره .. إلَّا مسلمًا كان يطارد فلول المشركين .. ويطارده الإعجاب في كل مكان يصول فيه ويجول .. لقد كان هذا الفارس المتغلغل في جموع المشركين وأجسادهم ملء السمع والبصر من الصحابة .. كانوا يمدحونه يرون أنه أكثر من صارع الكفار وصرعهم .. وأنه لا أحد ممّن بقي حيًا من المسلمين قاتل مثل قتاله .. وسمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأمره فسأل عن اسمه ونسبه فأخبروه فلم يعرفه .. ووصفوا له وجهه وجسده ولباسه فلم يعرفه .. وبينما كان يطارد إحدى ضحاياه مرت ضحيته ومرّ كالسهم وراءها بين عيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمة آلمت الصحابة جدًا:
[هذا الفارس من أهل النار]
سهل بن سعد رضي الله عنه كان حاضرًا يسمع ويرى ويروي فيقول: (إنه قال: يا رسول الله -يوم أُحد- ما رأينا مثل ما أتى فلان .. أتاه رجل .. لقد فرّ الناس وما فرّ، وما ترك للمشركين سادةً ولا قادةً إلا أتبعها يضربها بالسيف. قال - صلى الله عليه وسلم -: ومن هو؟ فنسب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسبه فلم يعرفه، ثم وصف له بصفة فلم يعرفه، حتى طلع الرجل بعينه، فقال: ذا يا رسول الله الذي أخبرناك عنه. فقال: هذا؟ فقالوا: نعم.
فقال - صلى الله عليه وسلم -: إنه من أهل النار.
فاشتدّ ذلك على المسلمين، قالوا: أيّنا من أهل الجنّة إذا كان فلان من أهل النار؟ فقال رجل من القوم: يا قوم .. أنظروني فوالذي نفسي بيده لا يموت على مثل الذي أصبح عليه، ولأكونن صاحبه من بينكم. ثم راح على جده في العدو، فجعل الرجل يشدّ معه إذا شدّ، ويرجع معه إذا