للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شَرْب (١) من الأنصار، غنته قينةٌ وأصحابه، فقالت في غنائها:

[ألا يا حمزة للشرف النواء]

فقام حمزة بالسيف، فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما، فأخذ من أكبادهما. قال علي: فانطلقت حتى أدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده زيد بن حارثة، فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجهي الذي لقيت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مالك؟ قلت: يا رسول الله، والله ما رأيت كاليوم قط، عدا حمزة على ناقتي فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيتٍ معه شَرْب. قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بردائه فارتداه، ثم انطلق يمشي، واتبعته أنا وزيد بن حارثة، حتى جاء الباب الذي فيه حمزة، فاستأذن، فأذنوا له، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة محمرةٌ عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم صعد النظر إلى ركبتيه، ثم صعد النظر فنظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، فقال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ثمل، فنكص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عقبيه القهقري، وخرج وخرجنا معه) (٢). فلا فائدة من العتاب واللوم إذا لم تذهب الخمرة من رأس شاربها ..

فالانسحاب هو أفضل قرار في مثل هذا الظرف .. انسحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزيد بن حارثة وانسحب علي وسحب معه حزنًا أفاض عينيه .. إنها الخمر وما زالت حتى اليوم مباحة .. ولعلي مع الخمر قصة أخرى لا تقل فداحة عن هذه .. يحدثنا عنها فيقول: (صنع لنا عبد الرحمن بن عوف


(١) الشرب: هم الجماعة الذين اجتمعوا على شرب الخمر.
(٢) حديث صحيح. رواه البخاري (٤٠٠٣) ومسلمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>