ويأوي إليها من تطارده وحوش الهموم والقلق من سوء المصير .. أحد الهائمين على وجوههم .. الموغلين في الشرك والدماء .. أحد الذين قدسوا صنم اللات .. وعبدوها وسدنوها .. وحاربو الإِسلام ونبيه -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين من أجلها .. داهية تتضاءل أمامه الصعاب .. وتنفرج لحيلته المضايق .. وقع في ورطة أدهى منه فلم يجد سوى الإِسلام ومحمَّد - صلى الله عليه وسلم - مخرجًا منها .. هذا الداهية الثقفى .. المنحدر من جبال الطائف التي تضيق باللات .. يدعى المغيرة بن شعبة .. جمع الشجاعة والدهاء .. وعمه زعيم الطائف واسمه: عروة بن مسعود الثقفى .. وقد كلفه دهاء المغيرة وحيلته الشيء الكثير .. في ورطة كان المخرج منها:
[إسلام المغيرة بن شعبة]
فقد سافر المغيرة وهو مشرك مع قوم مشركين .. ويبدو أنه قد صدر من هذه المجموعة ما أثار المغيرة وأهانه .. فغلى الانتقام والغضب والحيلة في رأسه .. فأخذ أموالهم وتركهم طعامًا لذئاب الصحراء وطيورها وترك ديتهم لعمه عروة .. وعندما أحس بضيق الدنيا في وجهه أبصر طريقه نحو النبي - صلى الله عليه وسلم - .. يقول أحد الصحابة:(كان المغيرة صحب قومًا في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما الإِسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء)(١) فالله طيب لا يقبل إلا طيبًا .. والغدر والخيانة ليست من صفات المؤمنين .. لم يقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على قتله وسلبه لأولئك القوم رغم أنهم كانوا مشركين .. والفرق بين ما فعله المغيرة وما فعله عبد الله بن عتيك بسلام بن أبي الحقيق .. أن سلامًا كان قد حرض على حرب المدينة وخطط لها وغدر بأهلها .. ثم خان المسلمين والمشركين