للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجابه تلك الإجابة العظيمة التي يعترف بها - صلى الله عليه وسلم - بمعروف والده المطعم ابن عدي .. فقال له: (لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له) (١) .. فانكسر جبير بن المطعم بن عدي مرة أخرى .. ومضى إلى مكة كالحيرة بين الاحترام لوالده والاحتراق لعمه .. عاد يحمل إيمانًا يرزح تحت أطنان من العادات والتقاليد والأصنام .. وكان أشدّ هذه الموروثات على نفسه شيطان كالجحيم .. شيطان اسمه: الثأر.

حوصر جبير بن مطعم بعد وصوله إلى مكة بالنواح على عمه .. بشقِّ الجيوب ولطم الخدود .. حوصر بالاستفزاز الجاهلي حتى غلى الثأر في رأسه وعروقه .. جمع أبو سفيان الكفر وأهله متجهًا بهم نحو المدينة .. فأحسّ جبير بوخز الثأر .. فنادى عبدًا مملوكًا له اسمه "وحشى" .. وكان أمهر الناس برمي الحربة فهو نادرًا ما يخطئ هدفه .. نادى جبير "وحشيًا" ليفتح له بابًا للعتق من الذل .. ناداه ليخلصه من هذا الرق والحصار الكريه .. ناداه وأغراه بأحلام كل العبيد .. أغراه بـ:

حمزة بابًا للحرية

يقول وحشي: (كنت غلامًا لجبير بن مطعم، وكان عمه طعيمة قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أُحُد قال لي جبير: إن قتلت حمزة عم محمَّد بعمي فأنت عتيق. فخرجت مع الناس، وكنت رجلًا "حبشيًا" أقذف بالحربة قذف الحبشة قلَّ ما أخطئ بها شيئًا) (٢).


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٤٠٢٣).
(٢) سنده صحيح رواه ابن إسحاق (سيرة ابن كثير-٣/ ٣٥): حدثني عبد الله بن الفضل بن عياش بن ربيعة بن الحارث عن سليمان بن يسار, عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن وحشى مباشرة ... وهذا السند صحيح: عبد بن الفضل بن عباس وليس عياشًا كما =

<<  <  ج: ص:  >  >>