للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فينا الحجابة. فقلنا: نعم. قالوا:

فينا الندوة. فقلنا: نعم. ثم قالوا:

فينا اللواء، فقلنا: نعم. قالوا:

فينا السقاية. فقلنا: نعم. ثم أطعموا وأطعمنا، حتى إذا تحاكت الركب، قالوا: منا نبي. والله لا أفعل) (١). طاغوت مكة لا ينكر النبوة .. لكنه يرفضها لأنها لم تكن في بيته يرفضها. لأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ليس من أهل بيته .. إن أبا جهل يرفض أن يكون تابعًا لمنافسه في الرياسة والشرف .. يستحث قريشًا لمحاربة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه لا لمصلحة قريش .. لا ولا حبًا في قومه .. إنما حبًا لنفسه .. فلتذهب مكة وقريش للجحيم من أجل إرضاء غروره .. هذا هو منطق الطغاة .. يخفونه بألسنتهم فتفضحه أعمالهم .. ولم تقتصر التهم على تهمتي الكذب والسحر فـ:

[الجنون تهمة جديدة]

لا بد من إلصاق تهمة جديدة تبعد الناس عنه .. لا سيما عندما يسيل الحجيج نحو مكة .. ولا شيء يفر الناس منه مثلما يفرون من المجنون والمجذوم .. فليكن محمَّد مجنونًا .. قالتها قريش دون حياء .. الأمين صيروه مجنونًا .. وما يأتي به من آيات كريمة مجرد هراء .. يهذي به بلا وعي ..


(١) حديثٌ حسنٌ. رواه البيهقي (٢/ ٢٠٧) من طريق الحاكم، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم عن المغيرة، وهذا الإسناد جيد وأحمدُ بن عبد الجبار سماعه للسيرة صحيح، وهشام بن سعد حسن الحديث. انظر التهذيب (١١/ ٣٩). وقد قال أبو داود: إنه أثبت الناس في زيد بن أسلم، وزيد بن أسلم كان يرسل لكن مع هذا الاحتمال فالحديث له من الشواهد ما يقويه عند البيهقي أيضًا، طريقان مرسلان، أحدهما عن الزهري والآخر عن أبي إسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>