للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخلت الساحة من الأوثان والوثنيين الذين ولوا مدبرين .. تكنس الريح أثارهم ونفاياتهم .. نظر - صلى الله عليه وسلم - إلى ساحة القتال فحمد الله هو وأصحابه .. وذكرهم بنعمة الله عليهم .. ومعجزته التي لوت أعناق المشركين وأذلتهم .. كما أذلت أعناق مشركين آخرين في زمن غابر جدًا .. إنهم قوم النبي الكريم: هود وهم قوم عاد .. فقد نصر الله نبيه هود بريح عاتية آتية من الغرب .. ونصر الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بريح عاتية آتية من الشرق .. ولذلك يقول - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور" (١) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده" (٢) وقد حول ساحة المؤمنين إلى نصر وربيع .. فالحمد والشكر لمن هزم الأحزاب وحده .. كانت معركة غير متكافئة عددًا واستعدادًا .. لكن المؤمن عندما يفعل الأسباب .. ثم يتوجه بها نحو الله تتحول النتائج إلى أعياد .. ها هو - صلى الله عليه وسلم - يبشر أصحابه بعد انتهاء المعركة بنهاية عصر وبداية آخر .. يبشرهم - صلى الله عليه وسلم - بانهيار هيبة قريش .. وانكسار حربتها .. يبشرهم بأن:

[الخندق مقبرة قوة قريش]

فليس هناك بعد اليوم هجوم أو حصار من قريش .. سمع ذلك أحد الصحابة الذين شاركوا في الخندق واسمه سليمان بن صرد رضي الله عنه. فقال: (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول حين أجلى الأحزاب عنه: الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم) (٣).


(١) حديث صحيح رواه البخاري (١٠٣٥) ومسلمٌ (الاستسقاء).
(٢) حديث صحيح رواه البخاري (٤١١٤) ومسلمٌ (الذكر- الدعاء).
(٣) حديث صحيح رواه البخاري (٤١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>