كيف ذلك؟ شئ مفزع .. ومخيف .. إذا لم يحكم لعثمان فلمن يحكم .. ؟ العواطف مرة أخرى تثور وتستنكر وتحتج .. لكن الإِسلام والتوحيد لا ينطلقان من العواطف ولا الأهواء .. وإلَّا لأصبح لكل فرد دين .. لأن كل فرد عالم من العواطف والأهواء .. الإِسلام يعتني بالعاطفة يهذّبها .. ينقّيها من الشوائب ثم يطلقها أطيافًا جميلةً في الأجواء .. وحبنا لشخص لا يعني أن الحق معه أينما اتّجه .. الكل يشهد لعثمان بن مظعون بالصلاح في دنياه .. لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب عندما حكم له بالجنة .. لأن في ذلك تجاوزًا لمسؤوليات الإنسان .. فيه تزييف وادّعاء ..
عندما قدم عثمان بن مظعون إلى المدينة مع المهاجرين .. أقبل عليهم الأنصار بالأيدي والقلوب والبيوت .. تنازع الأنصار كلٌّ يريد أن يفوز بأخ له من المهاجرين يسكن معه في بيته .. ولم ينته ذلك النزاع الحبيب إلَّا بالقرعة .. وعندما وصل دور القرعة إلى عثمان بن مظعون .. جعلته القرعة من نصيب بيت زوج أم العلاء وهو من الأنصار رضي الله عنهم .. ولما أصابه المرض .. مرّضته أم العلاء .. وشهدت له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاح لكنها شهدت له بشيء أغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - ..
يا أم العلاء ماذا قلت عن عثمان رضي الله عنه .. ؟ تقول رضي الله عنها: (إن عثمان طار لهم في السكنى حين قرعت الأنصار على سكنى المهاجرين، فاشتكى عثمان عندنا، فمرضته حتى توفي وجعلناه في أثوابه، فدخل علينا النبى -صلى الله عليه وسلم-، فقلت:
رحمة الله عليك أبا السائب، شهادتي عليك قد أكرمك الله.
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: وما يدريك أن الله أكرمه؟