للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لا أدري، بأبي أنت وأمى يا رسول الله، فمن؟

قال: أما هو فقد جاءه والله اليقين، والله إني لأرجو له الخير، وما أدري -والله- وأنا رسول الله ما يفعل بى.

قالت: فوالله لا أزكى بعده أحدًا. قالت: فأحزننى ذلك، فنمت، فأريت لعثمان بن مظعون عينًا تجري، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته، فقال: ذلك عمله) (١) الصالح ..

تقبّله الله منه وجزاه الجنّة بما عمل .. فأوحى بهذه البشرى إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم -، لكن قبل ذلك لا أحد يدري عن مصيره .. وهل هناك فوق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: وما أدري والله وأنا رسول الله ما يفعل بي.

إذًا فلا شأن لأحد بما بعد الموت .. ولا بالنوايا .. ولا يكفى ظاهر العمل للحكم على الإنسان بأنه من أهل الجنّة أو النار ..

حتى في مدح الإنسان لأخيه وهو حى يأمر - صلى الله عليه وسلم - بعدم الاندفاع .. ففى أحد الأيام (أثنى رجل على رجلٍ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ويلك، قطعت عنق صاحبك .. قطعت عنق صاحبك .. مرارًا، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: من كان منكم مادحًا أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلانًا والله حسيبه، ولا أزكى على الله أحدًا، أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه) (٢).

لنعد إلى عثمان بن مظعون رضي الله عنه .. ها هم يحملونه نحو البقيع .. ومعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن صلّوا عليه .. وقد بيّن -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه الطريقة الأفضل للمشي مع الجنازة .. فقال:


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٢٦٨٧).
(٢) حديث صحيح رواه البخاري (٢٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>