للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة والله يا أبا الفضل .. لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيمًا .. قلت: يا أبا سفيان إنها النبوة .. قال: فنعم إذن" (١) إلى هذه اللحظات الحاسمة وأبو سفيان لا يزال يصر على أن الأمر زعامة وملك وقد أعمى العناد بصيرته كما هي حال الكثير من أمثال أبي سفيان ممّن يحملون أفكارًا منحرفة عن الإِسلام .. إذا رأوا انتصار الإِسلام ومده ينتشر كالطوفان ويجرف ما تبنوه من أفكار متهالكة برروا انتشاره وانتصاره بكل شيء إلا الاعتراف بأنه حق .. ولا يمكن أن يسلم أمثال هؤلاء إلا إذا رأوا حكم الإِسلام واقعًا مطبقًا وسيفًا يحطم تلك الكثافة الغليظة من العناد والتي لا يمكن معها أن يصبح الفرد إلا معيقًا لكل إبداع .. وفي الوقت الذي كان فيه أبو سفيان متحسرًا على مجد وثني ينهار أمام عينيه كان أول الناس إسلامًا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أسعد الناس بهذا النصر العظيم الذي شارك في كل لحظة من لحظاته وفي كل خطوة من خطواته .. وها هو اليوم يحوم على الخيل يرتبها وينظمها ويشرف على تحركاتها .. لكن شيئًا ما يكدر صفو هذا النصر ويحزن يوم أبي بكر ذلك هو والده الشيخ الطاعن في السن والعمى والشرك .. فأين هو الآن؟

[أين والد الصديق]

في الوقت الذي كلف النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بالإشراف على الخيل كان والده يرقبه من بعيد رغم أنه أعمى وبصحبته أصغر أخوات أبي بكر


(١) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه الطبراني ٨ - ٩ حدثني محمَّد بن مسلم الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس وهذا سند صحيح مر معنا تخريجه تحت عنوان فتح مكة وقد تابع ابن إسحاق جعفر بن برقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>