الصديق وذلك "لما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي طوى قال أبو قحافة لأصغر بناته: أظهريني على الجبل .. وكان يومئذ أعمى .. قالت: فأشرفت به عليه .. فقال: ما ترين؟ فقالت: سوادًا مجتمعًا .. فقال: تلك والله الخيل .. قالت: وأرى بين يدي ذلك السواد رجلًا يسعى مقبلًا ومدبرًا فقال: ذاك الوازع -يعني الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها- وكان الوازع يومئذ أبو بكر ابن أبي قحافة .. فقالت: وأرى أن ذلك السواد قد انتشر .. فقال: قد والله دفعت الخيل فأسرعي فانحدرت به من الجبل وتلقته الخيل قبل أن يصل إلى بيته .. وكان في عنق الجارية طوقًا لها من ورق .. فمر عليها رجل فاقتطعه منها"(١) وذهب العقد ولكن هناك ما هو أهم من العقد بالنسبة للعباس ابن عبد المطلب .. هناك قريش وأهل مكة .. لكن يبدو أن أبا سفيان لا يزال مشدوهًا مأخوذ العقل بما يجري على ساحة كانت قبل ساعات ساحة يظللها نفوذه وتخضع لكلمته .. وها هو اليوم لا يملك نفوذًا ولا كلمة .. فأراد العباس أن يوقظه مما هو فيه فالخيل إلى مكة ومن عليها أكثر شوقًا ولهفة .. يقول العباس - رضي الله عنه -:
"قلت النجاء إلى قومك .. فخرج حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته:
يا معشر قريش .. هذا محمَّد قد جاءكم بما لا قبَلَ لكم به فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فقامت إليه امرأته هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت: اقتلوا الدسم الأحمس فبئس من طليعة قوم.
(١) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه ابن راهويه ١ - ١٣٢ والطبرني ٢٤ - ٨٨ وأحمدُ ٦ - ٣٤٩ حدثني يحيى بن عباد عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت ... وهذا السند صحيح مر معنا قبل قليل.