للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التهبت قريش واحمر حديدها وتوهج .. فالحدث لا يسكت عليه .. والقرار القادم لا بد أن يكون حاسمًا ونهائيًا لإيقاف سب الآلهة وتسفيه الأحلام .. وتحطيم الأصنام. اجتمعت قريش في مؤتمر محموم قرر فيه الجميع واتفقوا على أن السبيل الوحيد لدرء الخطر عنهم وعن أصنامهم هو بإزالة هذا المد الإِسلامي لا بإيقافه .. ولن يتم ذلك إلا بالقضاء على قائده وقتله .. فليقتل محمَّد حتى يتلاشى دينه ويشتت أصحابه.

[الاتفاق على اغتيال النبي (صلى الله عليه وسلم)]

في اليوم الموعود لتنفيذ الجريمة .. لقتل آخر رسل الله ومنقذ البشرية الأعظم .. (اجتمعوا في الحجر، فتعاهدوا باللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى: لو قد رأينا محمدًا قمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقه حتى نقتله. فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تبكي، حتى دخلت على أبيها، فقالت: هؤلاء الملأ من قومك في الحجر، قد تعاهدوا أن لو قد رأوك قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل إلا وقد عرف نصيبه من دمك. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: يا بنية أدني وضوءًا، فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد فلما رأوه، قالوا: هو هذا، فخفضوا أبصارهم، وعقروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه أبصارهم، ولم يقم منهم رجل، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من تراب فحصبهم حصبًا، وقال: شاهت الوجوه) (١). وغادر المسجد .. فأفاقوا .. تحسسوا فإذا التراب يحشر أعينهم


(١) إسناده حسن رواه أحمد (١/ ٣٦٨) حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر فتعاهدوا .. وهذا الإسناد رجاله ثقات أثبات، إلا عبد الله بن عثمان بن خثيم، وحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن، فقد وثقة أئمة كبار، وليس في ترجمته جرح مفسر فالسند حسن. انظر التقريب (١/ ٤٢٢) فقد قال الحافظ: صدوق. وانظر كذلك التهذيب (٥/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>