الآن في موقف يبدو غامضًا تجاه الإسلام ودولته .. فتحرك خالد بن الوليد رضي الله عنه مأخوذًا بحماس المنتصر العائد من فتح مكة وإخضاع أكبر قبائل الجزيرة (قريش) لدولة الإسلام لكن أحداثًا غريبة ومؤسفة وقعت في:
[غزوة بني جذيمة .. ومأساة عاشق وحبيبته]
لم ينطلق ابن الوليد وحده نحو بني جذيمة .. فمن مكان لا أعرفه لكنه مفعم بالعواطف الغامرة .. كان هناك شاب يعشق فتاة يقال لها: حبيش .. وهي تبادله العواطف نفسها .. كان حبًا عذريًا لم يتدنس برذيلة أو يتلوث بعهر .. لكن ذلك العفاف لم يسلم من المنغصات فقد قدم الجاه والمال مع أمير لينتزعا حبيشا من بين عيني عاشقها .. فتنطلق المطايا وتتمايل الهوادج بحبيش ووصيفاتها فيتحطم قلب العاشق ويرغم صاحبه على التحرك .. فينطلق خلفها كالمجنون عابرًا المفاوز والمغاور لا يعرف وجهة غير وجهة هودجها .. ولا عنوانًا غير عنوان طويل تكتبه آثار راحلتها .. كان سفرها الطويل يلهب قلبه ويلهم شعره حتى توقفت تلك المطايا في آخر المحطات ونهاية الأسفار .. حيث بلغ الجنون ذروته .. ولم يبق في رأس العاشق وقلبه مكان لغير الحبيبة حبيش .. توقفت الرواحل عند ماء بني جذيمة في الوقت الذي وصلت فيه خيل خالد بن الوليد .. وهنا أصبح العاشق أمام حتفين حتف حبيش وحتف جيش .. وكان ذلك العاشق لا يبالي بأمر خالد فهو لا يعرفه ولا يعرف رسالته ولا يهمه أمر ما أرسل به ولا ما يتحدث هو وجيشه عنه .. كان مأخوذ القلب والعقل وهو في حالة ذهول تام عما حوله من جيش ودماء وحتى منطق أو حتى مجرد رغبة في الحياة ..
توقف خالد بن الوليد وكان من بين جنده شاب تضلع بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهديه وسمته هو عبد الله بن عمر بن الخطاب .. وقد كان جنديًا مطيعًا