للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسلم .. في اليوم الذي أسلم فيه .. كيف سيعلم البقية .. ورسول الإِسلام -صلى الله عليه وسلم- يشير عليهم بكتمان دينهم حتى عن أقرب الناس إليهم .. وما كان -صلى الله عليه وسلم- يتصرف هذا التصرف من عنده لولا أنها أوامر الله .. إنه لا ينطق عن الهوى .. فهل سيتصرف بدون أمر الله .. إنها سنة الله في عمل الأسباب وجعل نتائجها على الله .. وهذه بعض الأمثلة التي توضح سريته -صلى الله عليه وسلم- وخوفه على دعاة الإسلام.

[حر وعبد]

هذا عمرو بن عبسة السلمي .. يمتطى راحلته نحو مكة .. فإذا ما احتضنته شعابها وجبالها .. جد في بحثه عن محمَّد -صلى الله عليه وسلم- وفي ذلك يقول: (أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في أول ما بعث، وهو بمكة، وهو حينئذ مستخف، فقلت: ما أنت؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: أنا نبي. فقلت: وما النبي؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: رسول الله. قلت: الله أرسلك؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: نعم. قلت: بِمَ أرسلك؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: بأن تعبد الله وحده لا شريك له، وتكسر الأصنام، وتوصل الأرحام. قلت: نِعْمَ ما أرسلك به، فمن تبعك على هذا؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: حر وعبد -يعني أبا بكر وبلال- (١). فكان عمرو بن عبسة يقول: لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام) (٢).

يا الله .. رجل غريب لا يضمر إلا خيرًا .. جاء يبحث عن الحق .. فلا يرجع إلى ديار قومه إلا بما جاء يبحث عنه .. ويريد أن يستزيد .. أن يعرف أسماء هؤلاء الأتباع .. فلا يعطي أي اسم رغم أنه لا يخيف فهو ليس من أهل مكة .. لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول له: (عبد وحر) فقط عبد


(١) القائل عمرو بن عبسة وليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
(٢) حديث صحيح. رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>