وأنوفهم .. يغطى وجوههم عار لا يغسل إلا بالدماء .. عار ملأ خبره أرجاء مكة .. محاولة اغتيال رسول الله الفاشلة أثارت الحمية في نفوس بني عبد المطلب وكان أشدهم رأسهم أبو طالب .. فقرروا حماية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قريش والدفاع عنه .. فهو لا يزال من أبناء عبد المطلب زعيم قريش .. ولم يفعل ما يستحق كل هذا الأذى والعذاب من قريش .. فكيف تقرر قريش قتله .. ذلك أمر مستحيل .. إن على قريش أن تزهق أرواح بي عبد المطلب فردًا فردًا قبل أن تصل إلى محمَّد - صلى الله عليه وسلم - .. لذلك فقد أعرضت عن هذه المؤامرة مؤقتًا لكي تمارس قسوة لا تقل عن الاغتيال فماذا فعلت قريش.
[حصار جماعي في الشعب]
قرر طواغيت قريش ضرب حصار اقتصادي ومعنوي واجتماعي على المؤمنين ومن يقف معهم من أقاربهم .. فلا مصاهرة ولا بيع ولا شراء معهم حتى يتم تسليم محمَّد عليه الصلاة والسلام إليهم لقتله والتخلص منه .. لذلك لجأ أبو طالب ومن معه من أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمومته إلى مكان يقال له: شعب أبي طالب أو (المحصب) حتى تسهل عملية الدفاع عنه - صلى الله عليه وسلم - .. وعن هذا الحصار المرير الذي لا أدري كم من الأعوام استمر، يقول - صلى الله عليه وسلم - وهو يواعد أصحابه في ذلك المكان الحزين:(نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر، يعني ذلك المحصب، وذلك أن قريشًا وكنانة تحالفت على بني هاشم وبنى عبد المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -)(١).
في مثل هذه الظروف يقول - صلى الله عليه وسلم -: (لنقد أوذيت في عَزَّ وَجَلَّ وما يؤذي