هي قصة ليست من خيال الأدباء والروائيين .. هي حقيقة مرة يرويها من شارك في أحداثها معترفًا بالمأساة التي ارتكبها ويستغفر الله من ذلك ..
يرويها شاب اسمه: ابن أبي حدرد كتب نهاياتها بيده وأسدل ستائرها على أرض بني جذيمة .. تبدأ القصة عندما كان شاب يعشق فتاة تدعى حبيشًا منذ صغره .. ربما كان والدها أميرًا فارتحل عن دياره وجيرانه .. وربما جاء أمير فأخذها إلى بيت أكثر ثراءً وجاهًا .. لكن يبدو أن الأمير لم يحمل في هودجه سوى جسدها .. أما قلبها فقد أردفه ذلك الشاب معه على راحلته .. يسير كلما سارت ويتوقف عندما تتوقف .. وفي ديار بني جذيمة توقفت القافلة وخلفها الشاب المتيم أمام جيش خالد .. فحدث ما حدث .. وأُخذ الشاب أسيرًا غير آبه بالأسر ولا بهذه الحبال فالحبال التي تربطه بحبيش أقوى وأسرها لقلبه أقسى .. يقول ابن أبي حدرد:
"كنت يومئذ في خيل خالد بن الوليد فقال لي فتى من بني جذيمة وهو في سني وقد جمعت يداه إلى عنقي برمة ونسوة مجتمعات غير بعيد منه: يا فتى
فقلت: ما تشاء ..
قال: هل أنت آخذ بهذه الرمة فقائدي إلى هؤلاء النسوة حتى أقضي إليهن حاجة ثم تردني بعد فتصنعوا بي ما بدا لكم [إني لست منهم عشقت امرأة فلحقتها فدعوني انظر إليها نظرة ثم اصنعوا بي ما بدا لكم]
قلت والله ليسير ما طلبت فأخذت برمته فقدته بها حتى وقف عليهن (فإذا امرأة طويلة أدماء) فقال: اسلمي حبيش قبل نفاد العيش: