للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمشيت معه، حتى بلغ حجرة عائشة، ثم ظن أنهم قد خرجوا، فرجع ورجعت معه، فإذا هم جلوس مكانهم، فرجع فرجعت الثانية حتى بلغ حجرة عائشة، فرجع فرجعت، فإذا هم قد قاموا، فضرب بيني وبينه بالستر، وأنزل الله آية الحجاب) (١) .. وكانت هذه الآية تتحدّث عن زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - فقط .. ثم أنزل الله سبحانه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٢).

ففرض الحجاب على المؤمنات جميعًا.

وبينما كانت المدينة تعيش فرحًا .. وتشريعًا يمنح سلامًا في كل زاوية .. كان هناك خطر ينذر بفاجعة .. كان هناك خطر قادم من مكّة .. يطفح بالغلّ والثأر .. أتذكرون ذلك الشبح الذي نهض من بين جثث أحد .. ثم توجه نحو مكة نازفًا .. ها هو يعود ولكن لوحده هذه المرة .. فقد آلمه ما حدث في بدر .. وما أصابه في أُحُد .. ها هو:

الشبخ يتسلّل لاغتيال النبي (صلى الله عليه وسلم)

أنس بن مالك كما حدّثنا عن الحجاب من قبل .. يحدّثنا الآن عن قصة هذا القادم .. الذي حمله حقده وثأره نحو النبي - صلى الله عليه وسلم - ليسجل له التاريخ حادثة تهزّ الجزيرة من البحر إلى البحر .. يقول أنس رضي الله عنه: (كان وهب بن عمير شهد أُحُدًا كافرًا، فأصابته جراحة، فكان في القتلى، فمرّ به رجل من الأنصار، فعرفه، فوضع سيفه في بطنه حتى خرج من


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٤٧٩٢) ومسلمٌ (١٤٢٨) واللفظ له.
(٢) سورة الأحزاب: الآية ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>