للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موته، أفم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله تعالى ويكبره، ويحمده ويسبحه حتى مات، فما كانوا يشكون أن قد مات مسلمًا، لقد كان استشعر الإِسلام في ذلك المجلس، حين سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (١).

تتحول الأشياء في أيدي المتسلطين إلى عصى وسياط حتى التراب استعملوه لتكميم الأفواه .. وما لهم لا يفعلون وهم يرون أبا لهب يتعقب ابن أخيه يسفي عليه التراب .. يقهره ويكذبه.، ويأمر الناس أن يقهروه ويكذبوه .. كأنه عار يريد التخلص منه .. فكيف بشاب مستضعف كإياس .. غيرته كلمات الحق .. فطواها وكتمها في نفسه .. ولما حل بحرة يثرب تماهت غربته في غوره .. تلتحم به ويلتحم بها .. ولما مد الموت يده إليه أخرج تلك الكلمات لمن حوله بعد أن هم بالرحيل .. وهَمَّ الخوف أيضًا بالرحيل .. وما كان يقوى على إظهارها عندما كان هائمًا بينهم .. وما كانوا ليطيعوه. يا لغربة الموحدين .. يا لحالهم .. لكن الله معهم يدافع عنه دائمًا كما دافع عن:

[سعد والفقراء]

فقد رفض سبحانه ذلك التعسف الطاغوتي .. وتك الأوامر العفنة التي انطلقت من أفواههم ... يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحن ستة نفر، فقال المشركون: اطرد هؤلاء


(١) إسناده جيد، رواه ابن إسحاق (ابن هشام ٢/ ٥٣)، حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن محمود بن لبيد. فابن إسحاق صرح بالسماع من شيخه، والحصين حسن الحديث قاله أبو داود، فقول الحافظ عنه في التقريب (١/ ١٨٢): مقبول، غير مقبول؛ لأنه لم يجرح، انظر التهذيب (٢/ ٣٨١)، بل لقد قال الذهبي في الكاشف (١/ ٢٣٧): ثقة. ومحمرد بن لبيد صحابي صغير روايته عن الصحابة، وفي الحديث تصريح بالسماع ممّن حضر الحادثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>