للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدرجة بلغ الخوف من القوم؟! ألهذه الدرجة صحراء العرب موحشة وقاسية على هذا النبى - صلى الله عليه وسلم - وعلى أصحابه المساكن؟! كأنهم سيتحالفون مع الموت .. مع الفناء .. أما لهم عقول! .. أم تحولوا إلى صخور؟ ومع ذلك لا يأس .. يعود ويداه خالية منهم .. وهمُّ العالم يدور برأسه .. يعود إلى بيته حيث لا خديجة .. لا زوجة تمسح الجراح .. تبادله الحب والحنان .. يتذكر خديجة في بيته الذي يفتقدها .. يتذكر خمسة وعشرين عامًا من الحب عاشها معها .. ولا يعرف من تلك الطاهرة إلا ما يثلج صدره ويبهجه .. ما ذكر امرأة غيرها .. ولا طرق بابًا للزواج بعدها .. كأنها لم تمت .. لكن إرادة الله كانت وحيًا في المنام .. ورؤيا الأنبياء وحي ينتصب حقيقة على الأرض .. فما الذي جرى في المنام.

[فتاة وحرير]

كان - صلى الله عليه وسلم - نائمًا .. فجاءه في المنام رجل مرتين .. يحمل ابنة صاحبه الصديق أبي بكر عائشة رضي الله عنها. يحملها (في سرقة من حرير (١) فيقول: هذه امرأتك. فأكشفها فإذا هي أنت (٢). فأقول: إن كان هذا من عند الله يمضه) (٣).

[الزواج بعائشة وسودة]

كانت هذه الرؤيا وحيًا من الله مَنَّ به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. فضلًا منه لم يسع إليه - صلى الله عليه وسلم - .. بل ساقه إليه .. تقول عائشة رضي الله عنها: (لما


(١) قطعة حسنة من الحرير.
(٢) يخاطب - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث زوجته عائشة رضي الله عنها.
(٣) حديث صحيح. رواه البخاري (٥/ ١٩٥٣). ومعنى يمضه: أي يتمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>