بدأ ابن الخطاب يمارس دوره في التعذيب مع أقرب الناس إليه وأقربهم وألينهم قلبًا وجسدًا أخته المسكينة التي ليس لها جريرة سوى أنها تقول ربي الله وزوجها المعذب .. الصابر: سعيد بن زيد .. الذي لم يسلم من بطش عمر القاسي .. يقول سعيد رضي الله عنه:
(والله لقد رأيتنى وإن عمر لموثقي وأخته على الإِسلام قبل أن يسلم عمر)(١).
حبال وسياط هي أدوات الحوار التي كان يجيدها عمر ويكثر من حملها .. فالجاهلية التي كان يعتنقها لا تستطيع البقاء إلا بالحبال والسياط لكن القلوب لا تدخلها السياط .. والأفكار لا يثنيها الحديد .. مهما كانت قسوة عمر فإنه ما زال بشرًا يحمل قلبًا .. ما زال يحمل عقلًا.
[عمر يلقي آخر السياط]
عمر بن الخطاب .. الرجل الحديدي أسلم .. تلك القوة التي كانت ترزح فوق أنفاس المستضعفين انزاحت .. فهل ستستحيل بين أيديهم سلاحًا يشقون به طريقهم وسط غابة الخناجر والسيوف وأغصان من المشانق والقيود .. أم أن عمر سينضم إلى قافلة المستضعفن الذين لا يملكون حولًا ولا طولًا .. ؟ كل تلك التساؤلات .. أجاب عنها عمر .. فهو لم ينتظر أن يسأله أحد كيف أصبحت.
لم ينتظر عمر أن تزحف الأخبار إلى بيوت مكة بخبر إسلامه .. أن يقول إنه تخلص من شركه كما تتخلص الأشجار من أوراق الخريف الصفراء .. على الطرقات وفي البيوت ويحملها الهواء في أجواء مكة .. إنه