للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الفيل يمزق السكون]

لم يطل ذلك الوجوم في مكة .. فسرعان ما تفجر الخوف من جبالها .. وانتفضت بطحاؤها هلعًا .. فمكة اليوم تئن تحت أقدام فيل مخيف .. وحراب جيش ضخم زاحف لهدم بيت الله الحرام وطحنه .. كان ذلك الجيش يرج مكة من أقصاها إلى أقصاها .. ومن عبيدها إلى ساداتها .. كأنما كان يدحرج أمامه جبال اليمن وسد مأرب معها. فتطاير أهل مكة فوق ذرى الجبال .. وتفرقوا بين الشعاب .. فالأمر فوق ما يحتملون .. ولكن سيد قريش عبد المطلب لم يهرب .. لقد ثبت لهم .. وحمل روحه بين كفيه لمساءلتهم. فقال لملكهم (١):

(ما جاء بك إلينا، ما عناك يا ربنا، ألا بعثت فنأتيك بكل شيء أردت؟ فقال الملك:

أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله أحد إلا آمن، فجئت أخيف أهله. فقال عبد المطلب:

إنا نأتيك بكل شيء فارجع. فأبى إلا أن يدخله، وانطلق يسير نحوه، وتخلف عبد المطلب، فقام على جبل فقال: لا أشهد مهلك هذا البيت. وأَهَلَّ ثم قال:

اللَّهم إن لكل إله ... حلال فامنع حلالك

لا يغلبن محالهم ... أبدًا محالك


(١) لم ترد تسمية هذا الملك ربما كان أبرهة كما جاء في بعض الروايات الضعيفة عند ابن إسحاق، وأبي نعيم في الدلائل (١٤٤) وغيرهما، وقيل: إن أبرهة بعث رجلًا اسمه سمبر مصفود على عشرين ألفًا ...
ليس لدي ما يرجح رواية على رواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>