للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأبو ذر كذلك .. ولما سأل علي ضيفه سؤالًا عاديًا .. كان الجواب غير عادي .. لقد سأله علي -رضي الله عنه- فقال: (ألا تحدثني ما الذي أقدمك. قال أبو ذر: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدنني فعلت. ففعل، فأخبره) (١).

إن على الكلمات رقيبًا .. وما لم تثق بمحدثك فإن الكلمات مجازفة بالحياة .. والصمت أسلم .. وبعد أن أسلم أبو ذر .. لم يعطه صلى الله عليه وسلم شيئًا غير الشهادتين .. لم يخبره عمن أسلم حتى أنه كان يقول: (كنت ربع الإِسلام، أسلم قبلي ثلاثة نفر وأنا الرابع) ومن المعروف أن هناك الكثير ممّن أسلم قبله .. ولم يعده النبي صلى الله عليه وسلم بنصر في الدنيا .. بل إنه لم يتدخل إطلاقًا عندما ضربه كفار قريش وكاد أن يموت بين أيديهم .. لقد أشار عليه صلى الله عليه وسلم بالكتمان وأمره بالرجوع إلى أهله .. لكن حماس أبي ذر طغى فنال من قريش ما نال.

أبو بكر الصديق يناله العذاب أيضًا .. يؤذونه ويشتمونه ويتعرضون له في الطرقات حتى أصبحت مكة أضيق من موضع قدميه .. عندها قرر الهجرة إلى أرض يجد فيها شمسًا وهواء وعبادة .. بعيدًا عن أرجاس الطغاة وسياطهم ..

[أبو بكر يهاجر]

تقول عائشة بنت الصديق أبي بكر رضي الله عنهم: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين .. ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار .. بكرة وعشية .. فلما ابتلي المسلمون .. خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد .. لقيه ابن الدغنة -وهو سيد القارة- فقال:


(١) جزء من حديث صحيح. رواه البخاري وهو الحديث السابق مع اختلاف بسيط في الألفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>