بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي، فأرسلت أخي ليكلمه، فرجع ولم يشفنى من الخبر، فأردت أن ألقاه، فقال علي بن أبي طالب:
أما إنك قد رشدت، هذا وجهي إليه، فاتبعني، ادخل حيث أدخل، فإن رأيت أحدًا أخافه عليك. قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي، وامضِ أنت، فمضى ومضيت معه، حتى دخل، ودخلت معه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت له:
اعرض علي الإِسلام. فعرضه فأسلمت مكاني، فقال لي:
يا أبا ذر، اكتم هذا الأمر، وارجع إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل.
فقلت: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم، فجاء إلى المسجد، وقريش فيه. فقال أبو ذر:
يا معشر قريش، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله فقالوا:
قوموا إلى هذا الصابئ. فقاموا، فضربت لأموت، فأدركنى العباس، فأكب علي، ثم أقبل عليهم، فقال:
ويلكم، تقتلون رجلًا من غفار، ومتجركم وممركم على غفار.
فأقلعوا عني، فلما أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس.
فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ، فصنع مثل ما صنع بالأمس، وأدركنى العباس، فأكب علي، وقال مثل مقالته بالأمس) (١).
كان الشرك رعبًا تطوف أشباحه في دروب المسلمين فترقب أبوابهم وأفواههم .. علي بن أبي طالب لا يستطيع التحدث بالأمر خوفًا على