للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بـ: "ذات الرقاع" كان ساحة للخوف والتوتّر .. أخاف الناس بعضهم بعضًا .. ثم تفرّقوا دون دماء (١) .. أخاف النبي أعداءه وكسب ثناء بعضهم .. وحقّق - صلى الله عليه وسلم - بجيشه نصرًا معنويًا له رصيده في النفوس .. ثم عادوا إلى المدينة والشوق يحملهم .. وكان أشدّهم شوقًا ذلك الشاب "جابر" الذي رقص قلبه طربًا عندما اقترب الجيش من المدينة .. لكن شيئًا كان يعيقه عنها .. يعيقه حتى عن أصحابه .. حتى كان آخر من يسير في الجيش .. لقد كانت في طريق العودة قصة لـ:

[جابر وجمله الهزيل]

فبينما كان جابر بأحرّ الشوق إلى عروسه .. كان ذلك الجمل لا يبالي بتلك المشاعر .. يبدو أنه كان يستمتع بالراحة ومشاهدة ما حوله من مناظر .. فهو يسير بطريقة مملّة ومزعجة .. شاهد - صلى الله عليه وسلم - ما يحدث


(١) أقول ذلك لأنه قد روي بسند ضعيف عند الأئمة: من طريق ابن إسحاق حدثنا عمي صدقة عن عقيل عن جابر، أحمد (٣/ ٣٤٤ - ٣٥٩) وأبي داود (١٩٨) والبيهقيُّ (٣/ ٣٧٩) وابن خزيمة (٣٦) وحسنه شيخنا الفاضل محمَّد مصطفى الأعظمي حفظه الله ووافقه الإمام الألباني. وحسنه كذلك في صحيح سنن أبى داود: إن امرأة أصيبت من المشركين .. ثم ذكر قصة الصحابيين اللذين أصيب أحدهما بثلاثة أسهم بينما كان الآخر نائمًا .. وهذه القصة ضعيفة السند رغم ما سبق لأنها من طريق عقيل بن جابر .. وهو لم يوثق إنما ذكره ابن حبان في ثقاته وسكت وهذا ليس بتوثيق ولذلك قال الحافظ في التقريب (٢/ ٢٩) إنه "مقبول" أي عند المتابعة .. ولم أجد له متابعًا .. ومما يوحي بضعفه عند الإمام البخاري رحمه الله أنه قال في الفتح -كتاب الوضوء- ٣٤ - : ويذكر عن جابر .. وعلق الحافظ بقوله: عقيل بفتح العين، لا أعرف راويًا عنه غير صدقة، ولهذا لم يجزم به المنصف، أو لكونه اختصره، أو للخلاف في ابن إسحاق. والذي يبدو لي أن السبب الأول هو الصحيح لأن البخاري ذكر ابن إسحاق وسنده الصحيح في غزوة ذات الرقاع بصيغة الجزم فقال: قال ابن إسحاق. والسبب الثاني بعيد. فبقي السبب الأول نظرًا لجهالة حال عقيل رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>