للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية" (١) ثم أخذ الراية بعد الشهيد ابن رواحة.

"فلما أخذ الراية دافع القوم وخاشى بهم ثم انحاز وانحيز عنه حتى انصرف بالناس" (٢) ووقى الله بحسن تصرف خالد جيش الإسلام من انتكاسة لأن استمرار الحرب معناها الإبادة لا محالة .. فقوة الروم ونصارى العرب لا يمكن هزيمتها بمثل هذا الجيش الصغير الذي يشرب أفراده الموت كما يشربون الماء .. هم لم ينتصروا على جيش الروم لكنهم أيضًا لم يهزموا وقد قنع كل فريق بما جرى له وعليه .. لكن بعض المسلمين تمكنوا من تحقيق أهدافهم الشخصية التي من أجلها خرجوا .. أما بقية الجيش فهم يشعرون بالهزيمة لأنهم لم يكونوا ضمن موكب أمرائهم الذين تعطروا بجراحهم لدخول الجنة .. لذلك مال بهم أميرهم الجديد إلى مكان آمن.

[خالد بن الوليد واستراحة المحارب]

خالد بن الوليد الذي ولد في عالم الإسلام أميرًا أخذ جيشه بعيدًا وقد أسعد الروم تصرفه ذلك فلم يقوموا بملاحقته .. لأنهم ليسوا على استعداد لتقديم المزيد من الضحايا على يد جيش لا تخيفه الأرقام ولا الأجسام .. ولو كان النصارى في حالة معنوية مرتفعة للاحقوهم حتى الإبادة .. لكن ذلك لم يحدث فهم يحبون الحياة كما يحب المسلمون الجنة .. في هذه الأثناء كانت المدينة تلهج بالدعاء بالنصر وعودة المحاربين ظافرين .. لكن الوحي سبق الجيش بالأخبار والبشائر والأحزان .. يقول أحد الصحابة


(١) حديث صحيح رواه البخاري ٤ - ٥٥٥١.
(٢) سنده صحيح وهو سند الحديث السابق انظر ابن هشام ٥ - ٢٨ وتاريخ الطبري ٢ - ١٥١ والبداية والنهاية ٤ - ٢٤٥ ومعنى خاشى أي تاركهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>