حن أبو طالب بن عبد المطلب على هذا الحزن القابع خلف السرير .. ورق لحاله وكربه وبثه .. فحمله إلى بيته .. ورعاه كأنه من صلبه .. ينسيه وحدته ويتمه بمعاملة تذوب رحمة وحنانًا .. فكان يلازمه في كل مكان .. في مكة في مجالسها وطرقاتها .. كان رفيقه في بعض الرحلات .. وكانت رحلات قريش الشتوية تقصد اليمن .. والصيفية تتجه نحو الشام .. وللرحلتين أمن كأمن مكة .. ذكره الله فقال سبحانه: {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤)} (١)، وفي إحدى تلك الرحلات جرت قصة بين:
[بحيرى والقافلة]
في صيف حار تحركت الركائب نحو الشام ومعها (خرج أبو طالب ومعه محمَّد - صلى الله عليه وسلم - في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب (بحيرى) هبطوا، فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج، ولا يلتفت إليهم، فنزل وهم يحلون رحالهم، فجعل يتخللهم، حتى جاء فأخذ بيد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:
هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، بعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ من قريش: