للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد أمر عمه العباس أن يأخذ زعيم قريش أبا سفيان إلى مكان يطل على ممر الجيش كله حتى يرى بعينيه قوات المسلمين وحتى يتأكد من عدم جدوى المقاومة وحتى يتطاير ما تبقى لديه من شك في صدق محمَّد ونبوته.

يقول العباس مكملًا قصته: "فلما ذهب لينصرف قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها .. قال: فخرجت به حتى حبسته حيث أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أحبسه .. ومرت به القبائل على راياتها كلما مرت قبيلة قال: من هؤلاء؟ فأقول: سليم .. فيقول: ما لي ولسليم .. ثم تمر القبيلة قال: من هؤلاء؟ فأقول: مزينة .. فيقول: ما لي ولمزينة؟ حتى تعدت القبائل لا تمر قبيلة إلا قال: من هؤلاء؟ فأقول: بنو فلان .. فيقول: ما لي ولبني فلان؟ حتى" (١) حتى ماذا .. كان أبو سفيان ينتظر مرور النبي - صلى الله عليه وسلم - محاطًا بالمهاجرين والأنصار لأنه لا يزال يرى أن تلك القبائل ما هي إلا عبيد لمن غلب .. وهو يريد رؤية هذا الذي غلب وهل بالإمكان مقاومته .. بقي أبو سفيان متحرقًا حتى مر به سيل أسود كالموت.

[النبي يمر أمام أبي سفيان]

" مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخضراء كتيبة فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منها إلا الحدق .. قال: سبحان الله من هؤلاء يا عباس؟

قلت: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المهاجرين والأنصار.


(١) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه الطبراني ٨ - ٩ حدثني محمَّد بن مسلم الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس وهذا سند صحيح مر معنا تخريجه تحت عنران فتح مكة وقد تابع ابن إسحاق جعفر بن برقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>