اللَّهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللَّهم اهزمهم وزلزلهم) (١) دعا دعاء المكروب .. المحتاج .. وما كان الله ليذر نبيه وعباده الصالحين في همومهم وقد بذلوا كل جهدهم وطاقتهم له ومن أجل رضاه سبحانه.
[استجاب الله دعاء نبيه]
وها هي طلائع الهزيمة تقترب نحو الأحزاب دون أن يشعروا .. بعث الله جيشًا لا يقهر نحو أعدائه .. بعث الله الريح والبرد وجنودًا لا يرونها .. أما المؤمنون فقد أصابهم البرد امتحانًا من الله .. وتمحيصًا لهم .. وتكفيرًا .. وقد أخرج البرد بقايا المنافقين من صمتهم .. فانطلقوا يعتذرون من النبي - صلى الله عليه وسلم - للعودة إلى منازلهم .. فأذن لهم .. وبقي هو وأصحابه متجمدين من شدة البرد لا يقوون على الحركة ولا القتال .. أما في معسكر الوثنيين فقد هاجت الريح عليهم .. فأطفأت نارهم .. واقتلعت خيامهم .. وقلبت قدورهم .. وملأت أنوفهم وعيونهم وأفواههم بالتراب والهزيمة .. أما البرد فقد أعجزهم عن الحركة .. وتحول معسكرهم إلى ساحة كبيرة من النفايات والفوضى والرعب .. البرد والجوع والخوف ينتقل من المدينة .. يعبر الخندق كوحش لا يطاق .. ويتحول الأحزاب إلى أكوام .. إلى ركام من الفشل .. ويتفرق شملهم .. تنهار أحلامهم أمام أعينهم .. تتطاير مع الريح والغبار .. فماذا سيفعلون .. وماذا فعل - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه الذين مستهم الريح ومسهم البرد والجوع.
قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - السماح لأصحابه بالعودة إلى بيوتهم .. فقد جاء نصر الله بريح وجنود لا يراها البشر .. فعاد من أحب العودة منهم .. وبقي من بقي