للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أرسلت من أجل هذه المهمة أحد وجهائها .. رجل اسمه: الحارث الغطفاني .. ركب راحلته .. وعندما استقرت به على أرض المدينة .. بحث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .. ولما وقف أمامه .. أملى على النبي - صلى الله عليه وسلم - شرطه للانسحاب من التحالف اليهودي الوثني .. وكان شرطًا يفوح صفاقة وتغطرسًا .. لكن إجابة الأنصار كانت كالسيف على رأسه. فقد رفض الأسدان سعد بن عبادة وسعد بن معاذ كل أنواع الابتزاز .. مهما كان مصدره وقوّته .. فقد:

(جاء الحارث الغطفاني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد .. ناصفنا تمر المدينة. "وإلا ملأناها عليك خيلًا ورجالًا"، فقال - صلى الله عليه وسلم -: حتى أستأمر السعود: سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ يشاورهما "فقال: إني قد علمت أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وأن الحارث يسألكم أن تشاطروه تمر المدينة، فإن أردتم أن تدفعوا إليه عامكم هذا حتى تنظروا في أمركم بعد. قالوا: يا رسول الله أوحي من السماء؟ فالتسليم لأمر الله، أو عن رأيك أو هواك؟ فرأينا تبع لهواك ورأيك، فإن كنت إنما تريد الإبقاء علينا فوالله لقد رأيتنا وإياهم على سواء، ما ينالون منّا تمرة إلا بِشِرى أو قرى" (١)، فقالا (٢): ما أعطينا الدنية (٣) من أنفسنا في الجاهلية، فكيف وقد جاء الله بالإسلام.

فرجع إليه الحارث، فأخبره.

فقال: غدرت يا محمد.


(١) أي كانوا لا يستطيعون الحصول على تمرنا إلا بالشراء أو الضيافة.
(٢) قال السعدان: ابن عبادة وابن معاذ.
(٣) أي لم نعط الصفة والخصلة المذمومة في الجاهلية فكيف وقد أسلمنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>