للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النياق من أصحابها ثم سلمها لابنه قيس وأمره بنحرها للسرية التي أحرق أجوافها شجر الخبط .. يقول قيس رضي الله عنه: (كنت في الجيش فجاعوا قال: انحر قالك: نحرت .. ثم جاعوا .. قال: انحر .. قال: نحرت .. ثم جاعوا .. قال: انحر .. قال: نحرت ثم جاعوا .. قال: انحر .. قال: نهيت) (١) ترى كم نحر من ناقة جزور .. يقول جابر رضي الله عنه أن سعد بن عبادة رضي الله عنه (نحر ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر ثم إن أبا عبيدة نهاه) (٢) لأن هذا الكرم الأنصاري ليس له حدود .. وسيقضي على مراكب السرية .. وقد تعودُ إلى المدينة على الأقدام إذا لم يتم إيقاف تدفقه .. كانت أياما عصيبة ومريرة .. كان فارسها سعد بن عبادة الكريم .. وكانت رحمة الله فوق ما يتصورون .. فقد رأى بعضهم صخرة كبيرة جداء .. وكانت سوداء وملساء تتمدد على الساحل .. اقترب الجميع منها فإذا هي ليست بصخرة .. إنها حوت عملاق يسمونه العنبر .. كان ميتا ينبض بالحياة لهذه السرية .. وقد فرح الجميع بهذه المفاجأة السارة وشكروا الله عليها .. لكن أبا عبيدة تذكر أن الميتة لا تجوز .. ثم تذكر كم يفتح الإِسلام من أبواب الفرج في أشد ساعات الضيق .. تذكر أن هناك ضرورة الإبقاء على هذه الأرواح والأجساد المنهكة .. فسموا الله وكلوا واستخرجوا من زيت الحوت وشربوا دهنوا أجسادهم المتعبة وشعورهم الشعثة .. لمدة تقارب الشهر .. ثم قاموا بقياس ارتفاع أحد أضلاعه فغرز الضلع .. ثم نادى أطول رجل في تلك السرية وأمره بأن يركب أرفع جمل أيضًا .. ثم أمر بالمرور فمر تحت تقوس ذلك الضلع العملاق .. يقول جابر رضي الله عنه وهو يتحدث عن تلك


(١) صحيح البخاري ٤ - ١٥٨٥.
(٢) صحيح البخاري ٤ - ١٥٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>