للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ستكون محمومة بالبحث والتفتيش .. وهي كفيلة بالفتِّ من عزيمة الكفار وتسريب الإحباط إلى نفوسهم.

لكن كيف سيعرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه ما يجري .. كان الجواب شابًا من أبناء أبي بكر الصديق أيضًا .. ملأه الإيمان حبًا .. وحماسًا وبذلًا .. اسمه: عبد الله بن أبي بكر يعيش مع قريش في وضح النهار .. يخالطهم يكلمهم. يسمع منهم .. يلتقط أخبارهم ومشاريعهم ثم يحملها إذا جن المساء .. فيصعد بها الجبل .. وفي الغار تكون أخبار قريش ومخططاتها بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه .. وقبيل طلوع الشمس عند الفجر .. وبعد أن يؤدي الصلاة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينحدر إلى مكة ثانية ليقوم بمهمته من جديد .. وعبد الله لم يكلف في هذه المرحلة إلا بمهمة واحدة .. هي حمل الأخبار فقط .. حتى لا يثير شك من يصادفه في طريقه.

أما الطعام .. فقد كلف به شاب تربى في بيت أبي بكر أيضًا .. إنه أحد رعاة الغنم .. واسمه: عامر بن فهيرة .. كان يسوق غنماته ويسيح معها في نزهة خارج مكة .. وهذا أمر طبيعي لا يلفت الانتباه أبدًا .. فهو راعي غنم ومهمته تقتضي أن يكون خارج المدينة .. فكان يحمل الزاد إليهما بعد العشاء .. ثم ينصرف عنهما قبل طلوع الشمس أيضًا. تقول عائشة رضي الله عنها:

(فَكَمِنا (١) فيه ثلاث ليال، ويبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر -وهو غلام شاب، ثقف (٢)، لقن (٣) - فيدلج (٤) من عندهما بسحر (١)، فيصبح مع


(١) اختفيا في الغار.
(٢) حاذقًا: خفيفًا.
(٣) ذكى.
(٤) الإدلاج: هو السير أول الليل، والمراد هنا إنه يسير من عندهما وقت السحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>