للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قريش بمكة كبائت (٢)، فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام.

ويرعى عليهما عامر بن فهيرة -مولى أبي بكر- منحة (٣) من غنم، فيريحها (٤) عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل -وهو لبن منحتهما ورضيفهما (٥) - حتى ينعق (٦) عامر بن فهيرة بغلس (٧)، يفعل ذلك في كل ليلة من الليالي الثلاث) (٨).

إذًا هناك بطلان: أحدهما يكشف تفكير العدو. والآخر يحمل الطعام. لكن هل سيدوم الحال على هذا الوضع؟ لقد اشترى أبو بكر راحلتين فأين هما .. أعند عبد الله .. أم بين أغنام عامر بن فهيرة؟ وكيف سيحصلان عليهما وعيون قريش تدور .. تتلصص في كل مكان؟

لم تكن الإجابة صعبة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فقد أعد لذلك خطةً محكمة .. هذه الخطة تقضي بألا تكون الراحلتان عند عبد الله بن أبي بكر ولا عند عامر بن فهيرة .. فلو كانتا عند أحدهما لارتابت قريش وزرعت شكها عينًا تلاحقهما حتى تظفر بما تريد .. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدرك ذلك


= (١) السحر: هو قبيل الصبح.
(٢) أي كأنه نائم في مكة.
(٣) عطية.
(٤) المراح: هو ما تأوى إليه الإبل والغنم بالليل.
(٥) اللبن الذي رضفت فيه الحجارة المحماة بالنار لينعقد ويثخن وتزول رخاوته.
(٦) النعق: صوت الراعي بغنمه.
(٧) الغلس: ظلمة آخر الليل.
(٨) حديث صحيح. رواه البخاري (٣٩٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>