فجعل يعيد ذلك، فلما سمعت كلامه "وأنا وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مردفى " قلت: أما تكرم كريمًا، ولا تهاب شريفًا؟ قال: لا، إلا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: يا رسول الله .. بأبي وأمي، ذرني فلأسابق الرجل. قال: إن شئت.
قلت: أذهب إليك "فطفر عن راحلته" وثنيت رجلي، فطفرت فعدوت، فربطت عليه شرفًا أو شرفين أستبقي نفسي، ثم عدوت في إثره، فربطت شرفًا أو شرفين، ثم إني رفعت حتى ألحقه، فأصكه بين كتفيه. قلت: قد سبقت .. والله "فضحك و" قال: أنا أظن. فسبقته إلى المدينة) (١) مشهد بريء ومفرح ..
ومرح متاح يمارسه هؤلاء الفرسان العظماء .. بعيدًا عن التنطع والتطرف .. لأنهم بين يديه - صلى الله عليه وسلم - .. ويداه كانتا ربيعًا .. ينثال ذلك الربيع للجميع ..
والجميع الآن في المدينة .. يرتاحون من عناء الحديبية، وذي قرد .. ويغتسلون من غبار السفر .. كانت المدينة بانتظارهم .. لكنها لم تكن بانتظار هذا الفارس الذي تعشقه مثلهم .. لكنها لا تستطيع احتضانه .. هذا الفارس الذي أتعبه الشوق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ولم يتعبه الأسر ولا السفر ولم تستطع أغلال قومه تحطيمه .. هو الذي حطمها وفر كالريح نحو مدينة الحرية والإيمان.