للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله .. فأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال: يا أبا بكر .. ما أبقيت لأهلك؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله .. فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا" (١).

ولعل هؤلاء الثلاثة يجدون منافسة من رجل الأعمال الناجح المجاهد الرائع عبد الرحمن بن عوف الذي يقول: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثًا .. فقال عبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله .. إن عندي أربعة آلاف؛ ألفين أقرضهما الله وألفين لعيالي .. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بارك الله لك فيما أعطيت .. وبارك لك فيما أمسكت .. فقال رجل من الأنصار: وإن عندي صاعين من تمر صاعًا لربي وصاعًا لعيالي" (٢).

لكن يبدو أن المنافقين لم يعجبهم هذا التسارع الجميل بالنفس والمال نحو تبوك فقاموا بتعويض قصورهم بإطلاق الألفاظ الساخرة من المؤمنين يشفون بها تشوهات نفوسهم ويطفئون بها جمر الحقد في قلوبهم: "فلمز المنافقون وقالوا ما أعطى ابن عوف هذا إلا رياء وقالوا أو لم يكن الله غنيًا عن صاع هذا فأنزل الله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٣).


(١) سنده صحيح رواه الدارمى ١ - ٤٨٠ أخبرنا أبو نعيم ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر وله طريق آخر عند البزار ١ - ٢٦٣ حدثنا محمد بن عيسى نا إسحاق بن محمد الفروي نا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر.
(٢) سنده حسن رواه الطبري ١٠ - ١٩٥ والبزار من طريق أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه وهو حسن من أجل عمر حفيد ابن عوف وهو حسن الحديث إذا لم يخالف قال الحافظ في التقريب صدوق يخطئ ٢ - ٥٦ وللحديث شواهد في الصحيح وغيره.
(٣) هو آخر الحديث السابق تفسيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>