لا أجد ما أحملكم عليه .. عندها فاضت محاجرهم بالدموع وعادوا من حيث أتوا مكسوري القلوب وألم الحرمان يملأ صدورهم .. دموع تفيض لأن الفقر يحول بينهم وبن معانقة الموت والشهادة .. دموع خلدت أصحابا وتردد ذكرها على مر الأجيال .. أولم يكفهم فخرًا أن يذكر ربهم دموعهم ويتحدث لعباده عنهم .. نزل جبريل بكلام الله الذي يقول: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (٩٢) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (١).
وهؤلاء هم المنافقون الذين يملكون من الوقاحة والأعذار أرصدة طائلة .. هذا أحدهم جاء يعتذر فقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عذره لكن لم يهنأ بالقعود حتى أنزل الله فضيحته آيات ترددها المدينة في الطرقات والمساجد والبيوت وترددها الدنيا .. نزل الوحي يفضح المنافقين ويشد أزر المؤمنين الذين تثاقل بعضهم مفضلًا تأجيل الخروج إلى ما بعد الحصاد.