الجميع ويتجاوزها القليل .. ومع ذلك لم تفلح تلك النية السليمة في تمرير ذلك الخطأ .. لكن في هذه القصة ردع لأي حكم بالردة والسيف قبل المساءلة والتثبت واكتشاف الدوافع الحقيقية ..
تلك الدوافع التي اكتشف حاطب أنه كان ضعيفًا جدًا أمامها واكتشف أيضًا كم هو مخطئ وكم هي ثقيلة تلك المسؤولية التي يحملها تجاه أمته وأسرار دولته ..
ندم حاطب ندمًا شديدًا فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - واحة تقول "الندم توبة"(١) ووجد الإِسلام يحتفظ له برصيد أودعه أيام بدر .. وما زال يتنامى ولا يزال إلى يوم البعث .. أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد اطمأن إلى عدم وجود أي قناة تتسرب منها أخباره إلى أهل مكة .. ودخل شهر رمضان بروحانيته وسكينته وجماله ليضفي كل تلك الأشياء على أفراد جيشه .. ليغسلوا حماسهم بها حتى لا يتحول الحماس إلى ثأر أو تهور وللقوم ثارات لا يجتثها سوى تجذر الإِسلام في أعماقهم .. ولا يطفئ جحيمها سوى مطر الاحتساب .. ولما جاء اليوم العاشر من رمضان وكمل احتشاد الجموع نادى - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أصحابه اسمه كلثوم بن عتبة بن خلف الغفاري ويلقب بأبي رهم .. ولما جاء عينه - صلى الله عليه وسلم - أميرًا على المدينة حتى يعود:
(١) حديث صحيح رواه ابن حبان ٢ - ٣٧٩ وغيره من طريق مالك بن مغول عن منصور عن خيثمة عن بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والحاكم ٤ - ٢٧٢ وغيره عن عبد الله بن وهب عن يحيى بن أيوب عن حميد الطويل عن أنس مرفوعًا وأحمدُ ١ - ٣٧٦ وغيره عن عبد الكريم قال أخبرني زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل بن مقرن عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه الأسانيد صحيحة.