إذا كان أبو بكر وعمر والعظماء أمثالهما تحت قيادة رجل لم يسلم إلا منذ أشهر فهناك تميز لهذا الرجل في مثل هذا الموقف .. فهل ستشير ذات السلاسل إلى الأفق الذي كان - صلى الله عليه وسلم -يرمي بتصرفاته إليه ..
كانت المدينة في حالة طوارئ .. كان المسجد يموج بالمعنويات والحماس والرايات السوداء والوداع .. وبلال كان في حالة تأهب لحماية النبي -صلى الله عليه وسلم- .. أحد الصحابة قدم لتوه إلى المدينة وتساءل عما يجري داخل المدينة وقال:"قدمت المدينة فدخلت المسجد فإذا هو غاص بالناس وإذا رايات سود تخفق وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت ما شأن الناس قالوا يريد أن يبعث عمرو بن العاص"(١)
رفرف الصحابة ورفرفت الرايات خلف عمرو بن العاص منطلقين شرقًا حتى أتوا على مشارف بلاد طي عندها طلب عمرو بن العاص رجلًا عارفًا بالدروب للاستفادة منه في الوصول إلى الهدف .. فأخبره الصحابة أنهم لا يعرفون سوى لص محترف وشهير يدعى: رافع الطائي وهو أعلم الناس بالصحاري والدروب خاصة في هذه المنطقة .. رافع نفسه يروي قصة انضمامه إلى جيش ذات السلاسل فيقول:
"بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل وبعث معه في ذلك الجيش أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وسراة أصحابه فانطلقوا حتى نزلوا جبل طي فقال عمرو انظروا إلى رجل دليل بالطريق فقالوا ما نعلمه إلا رافع بن عمرو فإنه كان ربيلًا في الجاهلية فسألت
(١) سنده حسن رواه الترمذيُّ ٥ - ٣٩٢ وغيره من طرق عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحارث بن يزيد البكرى قال وهو حسن من أجل الإمام عاصم وإلا فبقية رجاله ثقات: أبو وائل اسمه شقيق بن سلمة الأسدي وهو ثقة مخضرم -التقريب ١ - ٣٥٤ وشيخه صحابي واسمه الحارث بن حسان.