للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمس؟ قلت: نعم، قال: فذكر شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة الخمس وتخرج زكاة مالك إن كان عندك وتحج البيت وتصوم رمضان .. قال: وخير لا تأمرن على اثنين .. فقلت: وهل تكون الإمرة إلا فيكم أهل المدر .. قال: لعلها تفشو فتبلغك ومن هو في دونك .. إن الله لما بعث نبيه -صلى الله عليه وسلم- دخل الناس في الإسلام فهم عواذ الله وجيران الله وفي خفرة الله .. إن الأمير إذا كان في قوم فظلموا فلم ينتصر بعضهم من بعض انتقم الله منهم .. ولعمر الله إن الرجل منكم يظل ناتيًا عضله غضبًا لجاره والله من وراء جاره" (١)

اكتفى رافع بوصية الصديق العظيمة واعتنقها وودع أصحابه مؤمنًا بعد أن صاحبهم مشركًا .. ودعهم بغير القلب الذي استقبلهم به وبقي في أرضه ليبدأ حياة بيضاء بالتوحيد .. وغاب الجيش عن ناظريه لكنه لم يغب عن ذاكرته ووجدانه .. أما جيش ذات السلاسل فسافر كالشوق نحو المدينة .. وقد تزامن وصوله مع وصول مسافر حمل معه عجوزًا من بني تميم تقيم في بادية يقال لها الربذة بين مكة والمدينة وهي تبحث عن أحد يحملها إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- .. هذا المسافر هو أحد الصحابة واسمه الحارث بن حسان وقد أثارت تساؤله تلك الرايات السوداء وتلك الاحتفالية بعودة المحاربين منتصرين محملين بالغنائم وأحاديث السفر. يقول الحارث "خرجت لأشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله فمررت بالربذة فإذا عجوز منقطع بها من بني تميم فقالت يا عبد الله إن لي إلى رسول الله حاجة فهل أنت مبلغي إليه .. قال: فحملتها فقدمت المدينة" (٢) فـ


(١) حديث صحيح مر معنا وهو حديث رافع السابق.
(٢) حديثٌ حسنٌ رواه البخاري في التاريخ الكبير ٢ - ٢٦٠ والطبريُّ في التفسير: ٨ - ٢٢٠ و ٢٢١ من طريق عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحارث .. قال: وهذا السند =

<<  <  ج: ص:  >  >>