للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال. فلما أخرج إليهما بذلك ومع أبي سفيان بني له .. فقال: والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشًا وجوعًا .. فلما بلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رق لهما ثم أذن لهما فدخلا وأسلما" (١) وعفا عنهما - صلى الله عليه وسلم - تلك القائمة الطويلة من الجرائم بحقه .. فكان ذلك العفو جمرًا قذفه - صلى الله عليه وسلم - في مجمرة بين أضلع أبي سفيان بن الحارث .. فتعالى الشعر من صدره ذكريات وزفرات ومشاعر حركت مشاعر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام بحركة تنضح بالعتاب على ابن عمه وقسوته معه وهو الذي لم يؤذه يومًا ولم يؤذ مشاعره

"فأنشده أبو سفيان قوله في إسلامه واعتذاره مما كان مضى فيه فقال

لعمرك أني يوم أحمل راية ... لتغلب خيل اللات خيل محمَّد

لكالمدلج الحيران أظلم ليلة ... فهذا أوان الحق أهدي واهتدي

فقل لثقيف لا أريد قتالكم ... وقيل لثقيف تلك عندي

هداني هاد غير نفسي ودلني ... إلى الله من طردت كل

"فلما أنشد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الله من طردت كل مطرد ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدره فقال أنت طردتني كل مطرد" (٢)

تلك الضربة المعاتبة لم توقف نزيف الشعر .. فقد تدفق أبو سفيان ندمًا وحزنًا وقال:

"أفر سريعًا جاهدًا عن محمَّد ... وادعي ولو لم أنتسب لمحمد

هم عصبة من لم يقل بهواهم ... وإن كان ذا رأي يلم ويفند


(١) سند صحيح وهو حديث ابن عباس السابق وهذا لفظ الطبراني ٨ - ١٠.
(٢) سنده صحيح وهو سند الحديث السابق لكن اللفظ هنا للحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>