للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا حتى سيدًا من سادات العرب .. كان - صلى الله عليه وسلم - يردف شابًا أسودًا صغير السن اسمه أسامة ابن أمير مؤتة الشهيد: زيد بن حارثة .. وبجانبه صاحبه الحبشي بلال بن رباح وهو في طريقه نحو تحطيم الأصنام وتطهير الكعبة .. لكنه كان أثناء الطريق يحطم أصنام الجاهلية داخل النفوس .. يحطم الفخر بالآباء والأجداد ليشيد التنافس على الإنجاز والإبداع .. كان - صلى الله عليه وسلم - وفي لحظات النصر يؤكد تمسكه بمبدأ المساواة التي طالما اختبأ خلفه دعاة مذهب فإذا ما انتصروا تنكروا له .. مشهد جميل ورائع للنفوس المؤمنة والمتحضرة لكنه لا شك يؤذي نفوسًا غارقة في دبق الجاهلية والتخلف ..

يقول ابن عمر - رضي الله عنهما -: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته مردفًا أسامة بن زيد ومعه بلال" (١) في هذه الأثناء يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر .. فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: اقتلوه" (٢) فقتل .. فالرجل لم يعلن توبته عما بدر منه ولم يطلب الرحمة ولم يقبل دين الإِسلام .. كان عنادًا كأبي جهل وقد استجار بقماش مطروح على الكعبة فلم يمنعه ذلك القماش من السيوف .. ثم قال - صلى الله عليه وسلم - يطمئن مكة باستمرار التوحيد فيها ويطمئن قريشًا التي بدأت ترتعد من مصير ابن خطل بحديث جميل سمعه أحد المعنيين واسمه العاص بن الأسود .. يقول العاصي: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم فتح مكة: لا يقتل قرشي صبرًا بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة" (٣) "لا تغزى مكة بعد هذا اليوم" (٤)


(١) صحيح البخاري ٤ - ١٥٦٢.
(٢) حديث صحيح رواه البخاري ٢ - ٦٥٥ ومسلمٌ ٢ - ٩٨٩.
(٣) صحيح مسلم ٣ - ١٤٠٩ وكلمة أبي عند الحاكم.
(٤) سنده صحيح رواه الحميدي ١ - ٢٦٠ ثنا سفيان قال ثنا زكريا ابن أبي زائدة عن الشعبي =

<<  <  ج: ص:  >  >>