للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته .. قالوا: قد قلنا ذلك يا رسول الله .. قال فما أسمى إذًا .. كلا إني عبد الله ورسول الله هاجرت إلى الله وإليكم .. المحيا محياكم والممات مماتكم .. فأقبلوا إليه يبكون يقولون: والله يا رسول الله ما قلنا الذي قلنا إلا للضن بالله ورسوله .. قال: فإن الله ورسوله يعذرانكم ويصدقانكم" (١) "فوالله ما منهم أحد إلا بل نحره بالدموع" (٢) "قال أبو هريرة: فرأيت الشيوخ يبكون حتى بل الدموع لحاهم" (٣) فهذا النوع من الوفاء لا تقاومه الدموع والكلمات وحدها لا تكفى ..

بذلك الوفاء طهر - صلى الله عليه وسلم - قلوب الأنصار من الحزن بعد أن طهر المسجد الحرام والكعبة من الشرك والأصنام ..

وبتلك العبارات شعر الأنصار أنهم سادة الدنيا وأن مدينتهم غدت عاصمة الإِسلام .. حتى مكة أفضل بقعة على وجه الأرض غدت مدينة تابعة للمدينة المنورة ..

أدرك الأنصار كم هذا النبي وفي وعظيم ولا تعرف مصطلحات تعامله شيئًا عن الجحود والنكران .. وأدرك أبو سفيان ومن معه كم يرفع الإِسلام أهله ويعلي قدرهم .. فهو اليوم يرى نفسه ومن معه من صناديد


(١) حديث صحيح رواه مسلم وأحمدُ ٢ - ٥٣٨ وابن أبي شيبة ٧ - ٣٩٧ واللفظ له من طرق عن سليمان بن المغيرة عن ثابت قال هاشم قال حدثى ثابت البناني ثنا عبد الله بن رباح.
(٢) هذه اللفظة صحيحة عند الدارقطني المستدرك على الصحيحين ٢ - ٦٢ من طريق محمَّد بن الفضل عارم وهدبة بن خالد قالا حدثنا سلام بن مسكين عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة وهو سند صحيح. سلام ثقة: التقريب ١ - ٣٤٢ وعارم ثقة ثبت التقريب ٢ - ٢٠٠.
(٣) هو جزء من حديث أبى هريرة السابق وهذه اللفظة عند النسائي في الكبرى ٦ - ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>