للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسامة بن زيد فتلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتشفع في حد من حدود الله فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله .. فلما كان العشي قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختطب فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد .. فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه .. وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد .. وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمَّد سرقت لقطعت يدها .. ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها" (١) .. وتعلم الطلقاء درسًا جديدًا اسمه المساواة في العقوبة بعد أن استوعبوا المساواة في التعامل والمكافأة .. وأيقنوا أنهم أمام وحي لا يزحزحه شيء فليس بعد فاطمة من قرابة .. فالقضية لا تتعلق بشخصين أو ثلاثة يمكنهم التفاهم حول ما أخذه أحدهما من الآخر .. بل يتعلق بأمن الناس على أموالهم ودمائهم وأعراضهم وبالتالي فهو يتناول بشكل خطير أمن الدولة برمتها فالدولة التي لا تجيد التعامل مع الجريمة لا تستحق أن تسمى دولة .. والحياة فيها لا تعرف معنى للرفاه والاستقرار .. لكن تنفيذ العقوبة في الإِسلام لا يعني سوى تنفيذ العقوبة ثم يعود المذنب بعدها بريئًا ليواصل مع غيره مسيرته في الإبداع والإنجاز في موكب هذه الدولة العادلة المنطلقة للآفاق .. هذه المرأة لم تمسح من ذاكرة الأمة ولم تصادر حقوقها في المواطنة فهي امرأة أخطأت ونالت عقابها وانتهى الأمر .. لقد تابت فـ: "قالت عائشة فحسنت توبتها بعد وتزوجت وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٢) .. وقد كان بإمكان أهلها ومن يهمه أمرها طلب الشفاعة من صاحب المال المسروق قبل أن يصل الأمر إلى إمام المسلمين وقائدهم وقاضيهم - صلى الله عليه وسلم - .. لكن عند وصول


(١) صحيح مسلم ٣ - ١٣١٥.
(٢) صحيح مسلم ٣ - ١٣١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>