للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاتبعوه وأبو سفيان بن حرب وبعض الناس يشمت بالمسلمين" (١). ويتوقعون بل يتمنون هزيمة ساحقة للمؤمنين .. لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يترك مساحة أكبر من هذه لانشراح قلوب هؤلاء الشامتين .. فمثل هذه الحالات الشديدة والحرجة يصعب تجاوزها بأمثال الطلقاء الذين لم يقضوا فترة تربوية كافية على يد النبي - صلى الله عليه وسلم - .. ولهذا صاح النبي عليه السلام يستدعي البنائين الأوائل للدولة الإِسلامية الذين شيدوها بدمائهم وعرقهم وإيمانهم .. صاح بهم وناداهم .. "نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يال المهاجرين يال المهاجرين .... ثم قال يال الأنصار يال الأنصار ... " (٢)

قال أنس "قلنا: لبيك يا رسول الله" (٣)

وحتى يصل الصوت أقصى مدى استعان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعمه الثابت الشجاع العباس بن عبد المطلب الممسك الآن بلجام بغلته عليه السلام يواجه بها عاصفة هوازن ونبالها ويقول "إني لمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخذ بحكمة بغلته البيضاء قد شجرتها بها .. وكنت امرءًا جسيمًا شديد الصوت .. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين رأى ما رأى من الناس: أين أيها الناس؟ فلم أر الناس يلوون على شيء .. فقال: يا عباس اصرخ: يا معشر الأنصار يا معشر أصحاب السمرة .. فأجابوا لبيك لبيك .. فيذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر على ذلك .. فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه .. ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره ويخلي سبيله فيؤم الصوت حتى ينتهي إلى


(١) سنده صحيح رواه ابن إسحاق السيرة النبوية ٥ - ١١٠ حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر وهذا السند صحيح مر معنا قبل قليل عاصم وعبد الرحمن ثقتان.
(٢) درجته: حديث صحيح رواه مسلم ٢ - ٧٣٦.
(٣) درجته: حديث صحيح رواه مسلم ٢ - ٧٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>