له في إفساد جهده وجهاده من أجل كنوز الدنيا فكيف يفسده من أجل كومن من شعر تافه رخيص .. هذا هو الجيش الإِسلامي المنطلق من الكتاب والسنة لا من ثكنات التشريعات العسكرية البشرية التي عجزت عن ضبط جنودها عن النهب والسلب والاغتصاب وقائمة شنيعة من جرائم الحرب بل عجزت عن ضبطهم حتى ضد أنفسهم .. أما محمَّد عليه السلام فبكلمة واحدة تم كل شيء لأنه لا يخاطب جنوده من الخارج بل يشيدهم من الداخل .. هو صوت دائم في أعماقهم يجذر خوف الله قبل كل شيء فيهم .. وها هو صوته الذي لا يخبو ينادي من أجل ذلك رجالًا ليس لهم تاريخ ولا رصيد حتى الآن في الإِسلام .. بل إن بعضهم سخر كل ما يملك من أجل القضاء على هذا الدين .. ومع ذلك وفي أصفى لحظات الانتقام يطل محمَّد - صلى الله عليه وسلم - رحمة وعطاء أخجلهم طوال حياتهم وعرفهم بربهم تعريفًا جديدًا لا تحجبه الأحقاد .. استدعى - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان بن حرب وعيينة بن حصن والأقرع ابن حابس فحولهم إلى أثرياء في لحظات كان الجميع يترقب أن يكون الثراء من نصيب أبي بكر أو عمر أو علي أو سعد بن عبادة أو أسيد بن حضير أو غيرهم من عمالقة الأنصار والمهاجرين ..
استدعى - صلى الله عليه وسلم - أولئك الرجال فـ "أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - من غنائم حنين الأقرع بن حابس مائة من الإبل وعيينة بن حصين مائة من الإبل فقال ناس من الأنصار: يعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائمنا ناسًا تقطر سيوفهم من دمائنا أو تقطر سيوفنا من دمائهم فبلغه ذلك"(١)
كان هذا الكلام صادرًا من بعض فتيان الأنصار المتحمسين والذين
(١) سنده صحيح رواه الإمام أحمد ٣ - ٢٠١ ثنا يزيد بن هارون أنا حميد عن أنس وهذا سند ثلاثي صحيح. يزيد ثقة مر معنا وشيخه تابعي ثقة سمع من أنس.