وكان في رحله يزيد بن نصيب القينقاعي وكان منافقًا فقال يزيد وهو في رحل عمارة وعمارة عند النبي عليه السلام: أليس محمد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء ولا يدري أين ناقته؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمارة عنده: إن رجلًا قال: هذا محمد يخبركم أنه نبي ويزعم أنه يخبركم بخبر السماء وهو لا يدري أين ناقته .. وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله وقد دلني عليها وهي في هذا الوادي من شعب كذا وكذا وقد حبستها شجرة بزمامها .. فانطلقوا حتى تأتوني بها فذهبوا فجاءوا بها فرجع عمارة بن حزم إلى رحله فقال: والله لأعجب من شيء حدثناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آنفًا عن مقالة قائل أخبره الله عنه كذا وكذا للذي قال: يزيد بن نصيب .. فقال رجل ممّن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن نصيب والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي .. فأقبل عمارة على يزيد يجافي عنقه ويقول يا آل عباد الله إن في رحلى لداهية وما أشعر أخرج أي عدو والله من رحلي فلا تصحبني" (١) ولا يلام عمارة بما فعله بيزيد المنافق هذا .. فهؤلاء الذين أغلقوا ضمائرهم وعقولهم وأكل الحسد والعناد قلوبهم واستنفدوا كل طرق الإقناع لا يجدي معهم سوى الترك لأنه لا فائدة ترجى ولا أمل يبقى .. ومصاحبتهم إهدار لوقت يستحقه غيرهم ممّن يتلهفون للحقيقة والتوحيد .. الخوف كان يخيم على بعض مراحل الطريق .. يقول المتدلي من حصن الطائف نحو الإسلام .. أبو بكرة رضي الله عنه: "صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى بهم
(١) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه ابن حزم في المحلى ١١ - ٢٢٢ والطبريُّ في التاريخ ٢ - ١٨٤: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الطفري قال: قلت لمحمود ابن لبيد: وعاصم تابعي مر معنا كثيرًا ثقة عالم بالمغازي وشيخه صحابي.