للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد أن قرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآيات سجد (وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والانس) (١).

(غير شيخ أخذ كفًا من حصىً أو تراب، فرفعه إلى جبهته، وقال: يكفيني هذا) (٢).

سجد الكفار المعاندون وسجد المؤمنون .. أخذتهم هذه الآيات فساحت بهم في رحلة بدأت من الآخرة .. حيث القبور الثائرة البعثرة .. حيث الأموات يشقون أكوام التراب والغبار .. ينتفضون يخرجون يبحثون عن الداعي والمنادي .. وتنتهي بهم الرحلة هناك بين الخرائب الصامتة .. خرائب عاد وثمود وقوم لوط حيث الجثث منثورة متورمة من الماء .. جثث قوم نوح التى طوح بها السيل في كل مكان .. وأثناء هذه الرحلة المخيفة يدخل المسافرون عالمًا مدهشًا وعجيبًا يقال له الإنسان .. بدايته حقيرة لكنه يتمدد حتى يصبح عوالم تثير الدهشة والحيرة .. تحني الرقاب .. وتخضع القلوب والجباه لقدرة الله واعترافًا بعظمته .. تأثر السامعون المسلمون .. والمشركون أيضًا فسجدوا لله وحده لا لشىء آخر (٣).

حتى ذلك الشيخ الحجري لم يستطع كبت شعوره نحو هذه الآيات وتأثره بها .. فرفع كف الحصى ووضعه على جبهته .. لحظات من الخضوع والخشوع كانت تطوف بالكعبة والملتفين حول نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم .. لكن تلك اللحظات لم تلبث طويلًا .. لقد مرت بالمشركين يطاردها الشيطان ..


(١) حديث صحيح. رواه مسلم.
(٢) متفق عليه.
(٣) أقصد بالشىء الآخر تلك القصة الغريبة (قصة الغرانيق) المخالفة لصريح القرآن الضعيفة سندًا وللعلامة الألباني رسالة حماها (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق) ولأستاذي الشيخ الدكتور محمَّد مصطفى الأعظمي نقد لها في (مغازي عروة).

<<  <  ج: ص:  >  >>