للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (١).

هذه هي قصة كعب ومعاناته التي لا تطاق والتي استمرت لأكثر من شهرين .. لكنها تصفية المؤمنين وتربيتهم وامتحانهم .. ولو كانوا من المنافقين لتم تجاهلهم كأن لم يكونوا ولم يكن تخلفهم .. ولو مر مشرك بتلك الظروف التي مرت بكعب ورفاقه لكان الانتحار أفضل خيار في نظره .. لكنه الإيمان الذي يؤهل المسلم للتفوق على كل ما يمر به من أزمات .. الإيمان الذي يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صاحبه وعن قدرته على تجاوز الأزمات مهما بلغت شدتها وعن الفرق بينه وبين المنافق: "مثل المؤمن كالزرع ومثل الكافر كشجر الأرز" (٢) "الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد" (٣)

وإذا كانت أحزان كعب قد انتهت فماذا عن أحزان زيد بن أرقم سنتوجه إليه فهو الآن في بيته محزون لا يخرج منه .. خجلًا من صدقه الذي حولته أيمان المنافقين ووقاحتهم إلى كذب .. ها هو غارق في الحزن يقول: "أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا: فكذبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله قط فجلست في البيت فقال لي عمي ما أردت إلى أن كذبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومقتك فأنزل الله تعالى إذا جاءك المنافقون: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ


(١) صحيح البخاري ٤ - ١٦٠٣ وقد أكملت الآية بين المعقوفين وليست في البخاري.
(٢) صحيح مسلم ٤ - ٢١٦٣.
(٣) صحيح مسلم ٤ - ٢١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>