للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن بأرض الحبشة ملكًا لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده، حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا مما أنتم فيه.

فخرجنا إليها أرسالًا، حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار، وإلى خير جار، آمنًا على ديننا ولم نخش منه ظلمًا. فلما رأت قريش أنا قد أصبنا دارًا وأمنًا اجتمعوا على أن يبعثوا إليه (١) فينا، فيخرجنا من بلاده، وليردنا عليهم.

فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة فجمعوا له هدايا، ولبطارقته (٢)، فلم يدعوا رجلًا منهم إلا هيأوا له هدية على حدة، قالوا لهما:

ادفعوا إلى كل بَطْرِيق هديته قبل أن تتكلموا فيهم، ثم ادفعوا هداياه، وإن استطعتما أن يردهم عليكم قبل أن يكلمكم فافعلوا.

فقدما علينا، فلم يبق بطريق من بطارقته إلا قدموا إليه هديته، وكلموهم، فقالوا لهم:

إنا قدمنا إلى هذا الملك في سفهاء من سفهائنا، فارقوا أقوامهم في دينهم، ولم يدخلوا في دينكم، فبعثنا قومهم ليردهم الملك عليهم، فإذا نحن كلمناه، فأشيروا عليه أن يفعل. فقالوا:

نفعل. ثم قدموا إلى النجاشي هداياه، وكان من أحب ما يهدى إليه من مكة الأدم (٣)، فلما أدخلوا عليه هداياه، قالوا له:


(١) أي إلى النجاشي.
(٢) البطريق أو البطريرك هو رئيس الأساقفة والأسقف العالم النصراني وهو فوق القس والقس غالبًا هو المتفرغ للعبادة وخدمة الكنيسة.
(٣) الجلود.

<<  <  ج: ص:  >  >>