للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم -لو لم تغرف من الماء- لكانت زمزم عينًا معينًا".

فشربت وأرضعت ولدها. فقال لها الملك: لا تخافي الضيعة فإن ها هنا بيتًا لله، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله.

وكان البيت مرتفعًا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله .. فكانت كذلك حتى مرت بهم رِفْقَةٌ من جُرْهُم، أو أهل بيت من جرهم (١)، مقبلين من طريق كداء، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرًا عائفًا فقالوا: إن هذا الطير ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جريًا أو جريين (٢)، فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا. وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم .. ولكن لا حق لكم في الماء عندنا. قالوا: نعم.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم". وشب الغلام وتعلم العربية منهم، وأنفسهم، وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم.

وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا. ثم سألها عن عيشتهم وهيئتهم، فقالت: نحن بِشرٍ، نحن في ضيق وشدة وشكت إليه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه.


(١) جرهم حي من اليمن نزلوا مكة تزوج فيها إسماعيل، ومع مرور السنين ألحدوا فأبادهم الله (لسان العرب).
(٢) الجري هو الرسول.

<<  <  ج: ص:  >  >>