ميزات إذا جمعت برز صاحبها كما برز أبو بكر الذي عينه عليه السلام للصلاة دون أن يسعى للإمامة أو يقدم طلبًا لها .. النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي اختاره وعينه رغم رفضه لها في البداية .. وبعيدًا عن ذلك وبينما كان عليه السلام تبرحه الآلام وتزداد به الأوجاع وتنشغل بجسده كان مشغولًا بأمته خائفًا عليها أن تضل كما ضلت اليهود والنصارى .. تقول عائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما "لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه .. قال -وهو كذلك-: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا"(١) فبعد وفاة أي نبي تزداد العاطفة وتجيش المشاعر فتطيش بدعًا وخرافات ومزارات وزخارف .. حتى يتحول من مجرد قبر إلى وثن يطاف به ويتمسح ويستقبل وتشد الرحال إليه ويذبح عنده وتحيط به السرج والشموع والمصابيح ويطلى بالذهب ويرصع بالجواهر .. وفي النهاية ينصرف الناس عن الخالق ليتعلقوا بمخلوق لا يملك من أمره شيئًا إلا ما وهبه الخالق سبحانه وحباه به .. عندها ينهدم ما بناه النبي - صلى الله عليه وسلم - خلال أكثر من عشرين عامًا ويعود الشرك من جديد لكن بدلًا من عبادة الصنم الذي على شكل صورة يصبح وثنًا على شكل قبر .. كان عليه السلام يخشى ذلك ويحذر منه رغم ما هو فيه من المعاناة والحمى التي يزداد اشتعالها داخل جسده الشريف مما أعجزه عن الخروج للمسجد .. حيث صلى أبو بكر في الناس العصر والمغرب والعشاء والفجر والناس يترددون على المسجد وفي الطرقات وفي الأسواق فلا يرون فيها حبيبهم ونبيهم فيها فيزداد شوقهم وحزنهم حتى: